Friday, May 26, 2006


سألتني صديقة تضيء حروفها ..
في رد على بوست سابق عن الموت واحتفالاته قائلة
(متى نكبر أصلا ًومن يقرر أننا كبرنا؟
ليعرف دواخلنا..
ويقرر بأننا بتنا جاهزين لاستيعاب الآلام النفسية والترفع عن الألم الجسدي)
فجر سؤالها لحظة باغتتني في غير توقيتها ..
اعتقد اننا نتبع تقويم آخر عناصره ليست الساعة والدقيقة واليوم والسنة ..
قد تكون التجربة والخبرة وبعض الحزن ..
منذ بعض الذكريات حينما كنت صغيرة ..
كنت اعتقد ان الكبر قادم لا محالة والنضوج كما قالت امي (مسألة وقت) ..
ولكني تأكدت من العكس تماما ..
فدقات الحزن وهمسات بعض السعادة هي التقويم الحقيقي ..
اتعرفين اني ابكي احيانا على فقد الاشياء تماما كالاطفال ..
ابكي واغضب حينما اشعر بالعجز ..
وتواتيني رغبة مستحيلة في القفز والاطاحة بكل شيء تماما كالاطفال ..
بكيت حينما فقدت حيواني المفضل منذ بضعة أعوام ..
ولم ابكي عندما توفيت قريبة لنا مسنة لم اكن مقربة منها ..
الموت بالنسبة لي الان .. ليس سوى مفهوم ..
فكثير من الناس يعجزون عن فهمه
فقط يخافونه وتزيد الممارسات الحمقاء من تلك الرهبة ..
ولكن الحقيقة ان اكثر الامور ازعاجا في الموت هو الفقد ..
تلك هي الحقيقة ..
ان تفقد احدهم وتفتقده ..
اذا كان يمثل جزءا منك ..
فانت تشعر بالعجز لان بعضك يقتلع منك ولا شيء يمكن ان تفعله ..
ثم تشعر بالفقد ايضا ..
لذلك فحينما افقد شخصا عزيزا او صديقا
بالسفر مثلا او بقطع الصلة ابكيه كما ابكي الموتى ..
الاشياء هي الاخرى تموت ..
ولا ادري لماذا لا نقيم مراسم عزاء لما نفقده من الاشياء او الاحاسيس ..
فانا مثلا افتقد بيت جدتي (رحمها الله) افتقد الاثاث
افتقد الفرحة التي كانت تنتابني حينما اعلم ان امي ستصحبني اليها ..
افتقد احاديثي المطولة مع جدي ..
افتقد تجاعيد وجهه ورائحة شعره ..
افتقد اساطير جدتي التي كنت اعتقد انها تحدث في بلاد بعيدة
وتمنيت لو كبرت يوما لاسافر وارى الوردة السحرية
البساط الطائر ..
المرآة الناطقة ..
افتقد فرحة العيد الغامرة ..
افتقد حماسي للاشياء الجديدة الصغيرة ...
افتقد احساس الدهشة ..
كلها اشياء فقدت او ماتت
ووجب الحزن عليها ايضا ..
او علينا لفقدها ..
فقد كبرنا وتركناها صغيرة ..
لذلك فانا في غني تماما عن اي حزن مصطنع ..
فلدي ما يكفيني من الحقيقة
وهي اكثر جمالا وتطهيرا للنفس ..

No comments: