Monday, February 21, 2011

اذا الشعب يوما أراد الحياة بره الكردون او جواه



شهادة لمشاهدات 25 يناير

ما يلي مشاهدات واراء شخصية .. تحتمل كل الصحة وكل الخطأ.

بالنسبة لي ما حدث بالأمس هو سلسلة من المفاجآت والاكتشافات والتوقعات والخيبات أيضا

قبل المظاهرات "الثورة" سخرت كثيرا من التفسيرات التي رددها البعض والكلام عن محاكاة التجرية التونسية ..إلخ

وهو ما بدى بالنسبة لي أمرا مستحيلا تماما لظروف كثيرة أكثرها وضوحا اختلاف طبيعةا لشعبين ونسيج المجتمعين التونسي والمصري وان "الثورة" في تونس لم تبدأ لان قوى المعارضة دعت إليها .. ولكنها "تفجرت" ودعت إليها الحاجة ورغبة الشعب التونسي.

وكنت أرى أيضا ان المجتمع المصري لابد وان تكون له تجربته الخاصة التي لا يجب ان تكون محاكاة لأي تجربة أخرى.

المجتمع التونسي متجانس متماسك ومتنور ايضا نتيجة اهتمام نظام بن علي الراحل بالتعليم. وهو خطأ لا يجب ان يقع فيه ديكتاتور صغير لا ديكتاتور كبير كبن علي .. ويبدو ان الرجل لم يتعلم الدرس جيدا من استاذه المصري

المجتمع المصري ليس متماسكا ولا متجانسا بل هو مجتمعات صغيرة تعيش كل منها في معزل عن الآخر مثل (الجيتو). والكل يعيش حالة تربص قاتلة للاخرين. لدينا مشاكل مزمنة في التعليم والثقافة ..إلخ أفرزت مشاكل ثقافية وجنسية وطائفية ..إلخ إلخ برضه

كما نجح النظام المصري في إدارة البلاد بطريقة (الحلة البرستو) او حلة الضغط بتنفيس بسيط يقي من الانفجار عن طريق الانترنت والاعلام (التوك شو) على وجه الخصوص.

ولهذه الاسباب واسباب أخرى كان رأيي ان المصريين لو خرجوا إلى الشارع "هيخرجوا على بعض" وليس ضد الحكومة وهو ما كنت مخطئة بشأنه برغم كل ما نعانيه من أمراض مجتمعية مزمنة.

لم اخرج في مظاهرات بعد احداث ليلة رأس السنة ضد الطائفية وضد الارهاب وضد وزير التعذيب والمختلين للمطالبة باقالته رغم اقتناعي بكل ما سبق لاني غير مؤمنة بسياسة التظاهر كحل للتغيير في مصر لانه اولا اثبت فشله ولانه وسيلة للتنفيس تجعلك تعود إلى بيتك وقد ناضلت وعملت اللي عليك او تذهب إلى السجن وتكون بطلا ويبقى الحال كما هو .. فيتحول إلى احد وسائل الحلة البرستو برضه .. تنفيس وبعدين مفيش حاجة بتحصل.

المهم سمعت اصواتهم في شارع 26 يوليو ونزلت لاستطلع الامر وقررت ان اسير خلف الصفوف وفي وسطها .. كان من الضروري جدا اني اشوف وألاحظ وأدرس واسمع رد فعل الناس والمتظاهرين والشارع .... وشوش الناس وعيونها وكلامها بيعلموك كتير قوي.

المظاهرة الصغيرة كان فيها تقريبا من 150 ل200 شخص تقريبا ويمكن اكتر شوية حوالي من 50 – 70 هم اللي كانوا ناشطين وبيهتفوا وبيصرخوا ويستصرخوا الناس للانضمام. أما البقية فكانت ما بين متفرج ومشاهد. بعضهم دخل المسيرة عشان يتصور ورأيت بأم عيني احدهم يقول لصديقة "صورتني كويس يا محمود ؟ الناس ورايا باينيين؟" بينما انضم آخرين للفرجة والضحك ومشاهدة حاجة جديدة بتحصل في الشارع على طريقة "ديناصور ماشي في الشارع" زي ما بيقول شريف

بينما المتظاهرين الحقيقيين في حالة من الحماس الشديد لدرجة اني سمعت احدهم يتحدث في التليفون صارخا "الثورة قامت الثورة قامت مصر بتتحرر" وقد كاد يبكي من التأثر. بذل المتظاهرون جهودا خرافية في محاولات حث الناس على الانضمام للمظاهرة بينما اكتفى اغلبهم بالوقوف والتعليق ما بين مؤيد ومعارض على جانبي الشارع وفوق الرصيف في الأمان.

اتجه الجميع لميدان الاوبرا ومنها للاوبرا وفي دائرة كاملة عادوا مرة اخرى لشارع 26 يوليو ثم باتجاه ميدان التحرير في غياب أمني إلا فيما ندر

ورغم الأمان الكامل للمسيرة في غياب الأمن ورغم ان المتظاهرين حرصوا على ترديد شعارات عن الفقر واللحمة والبطالة إلا ان الناس في الشارع لم ينضموا .. ودي كانت أول ملاحظة !!!!

ملاحظة أخرى وهي الغياب الامني للمسيرة. كان فيه عدد بسيط من الضباط بينما تكفلت حواجز الطرق بتوجيه المظاهرة.

اتجه الجمع الذي فقد نصف قوامه مع وصولهم لطلعت حرب إلى ميدان التحرير .. وبدأت جميع المسيرات تتجمع باتجاه الميدان .. بينما التعامل الأمني "لطيف" وغير متوقع. بدوا هادئين ومتابعين من بعيد ولم يبدو عليهم أي توتر او تشنج كالمعتاد. رغم ان هؤلاء وقادتهم يصابون بالجنون والتوتر المصحوب ببطش احمق اذا تجمع اقل من 50 شخص في مظاهرة صغيرة في اي مكان في وسط البلد .. هؤلاء الذين رفضوا قبل ايام تجمع بالشموع لمثقفين أصغرهم سنا تعدى ال50 للاحتجاج على الارهاب !!!!

نظرت لصديقي في دهشة وقلت له انا مش فاهمة أي حاجة خالص !!!!!!!!!!

داخل الميدان

جماعات تهتف واخرى تصور واخرى تنظم وبعضهم يتابع... وانا اشاهد واتأمل ... العدد لا يمكن حسمه ولكن ربما بلغ 10 آلاف شخص على الأكثر .. القادمون من شارع القصر العيني يصرخون في حماس (الشعب يريد اسقاط النظام) والواقفون في قلب الميدان وامام كنتاكي يرددون شعارات مختلفة ومرة يغنون النشيد الوطني ومرة أخرى شعارات مناهضة للنظام... ومن آن لآخر يصرخ الجميع في ابتهاج وحماس فيتضح مرة ان شابا صعد فوق احدى لافتات الاعلانات (ازيلت تماما هذا الصباح) ليكتب بالاسبراي الأبيض "يسقط يسقط حسني مبارك" ومرة أخرى يرفع آخر صورة لمبارك ليضربها بحذاءه على الطريقة العراقية فيلتهب الحشد. ثم تصل مجموعة من اتجاه الدقي فيصيح الجميع في سعادة.

لم أرى أي لافتات لا حركية ولا دينية ولا حزبية إلا بعض من لافتات الوفد التي رفعت على استحياء .. وتلك كانت الملاحظة الثالثة !!!! مفيش غير علم مصر ..المستحيل صار ممكنا

ينادي المؤذن للصلاة فيردد البعض الله اكبر بينما يتطلب الاخرين بعض الوقت للصمت والتوقف عن الهتاف وهنا فقط .. فقط .. كان من الممكن التمييز بين الإخوان واليساريين. أما المسلمين والمسيحيين فكان من المستحيل تمييزهم او التعرف عليهم. وانا اتابع باهتمام بالغ ودهشة.

الكردون مفتوح:

اغلق الميدان من كل الاتجاهات ماعدا شارع واحد وهو المؤدي لباب اللوق بينما بقى ايضا الرصيف في طلعت حرب مفتوح. خرجت وزميلي شريف بحثا عن شبكة للاتصال (بعد قطع جميع وسائل الاتصال داخل الميدان) وايضا حمام. وفي الطريق إلى مول البستان كانت الدهشة الجديدة.

على بعد 50 مترا من الكردون الأمني .. لا شيء !!!!!!!!!!!! المحلات التجارية في نشاط عادي .. الناس ماشية في الشارع تشتري وتبيع والباعة الجائلين مستمرين في التحرش التجاري والجنسي بالمارة. ولا كأن فيه ثورة مشتعلة على بعد خطوات. بعض الباعة اشتكوا وسبوا الدين للمتظاهرين بسبب وقف الحال إلى حد ما عشان العملية مريحة بسبب الهيصة.

مصر أخرى التي رأيناها خارج الكردون !!!!!!!!!!ا

وفي الطريق رأينا بعض العساكر منتظرين عشائهم بينما توجه بعض المتظاهرين للمطاعم الشعبية لاحضار المؤن. تبادلنا الحديث مع العساكر. سألهم شريف هتمشوا امتى؟

فرد احدهم: لما تمشوا انتوا الاول هنمشي

فقلت له: المهم ماتضربوش انتوا الأول

فقال الآخر: والله احنا الود دونا نروح نقف معاهم بس هنعمل ايه احنا عبد المأمور

ثم قال لنا الاثنان "اتفضلوا اتعشوا معانا والله تعالوا بجد اتفضلوا"

شكرناهم وكملنا .. لنسمع فتاة تسير مع صديقتها وقد حملتا أكياس من المشتريات من محال وسط البلد تقول لصديقتها "دي بلد زفت وزبالة" فقال لها واحد من عساكر الأمن المركزي "عمر البلد ماكانت زفت ولا زبالة هم اللي خلوها زبالة"

ولا اعلم حقيقة من كان يقصد رؤساءه أم المتظاهرين !!

ملاحظات:

3 مصر:

ذلك ما رأيته .. مررت امبارح على 3 مصر .. 3 اوطان مختلفة ..

مصر الأولى: الفيسبوك وتويتر

تشعر ان الثورة قامت وانت لسه قاعد يا منيل على عينك وان الجيش في طريقه للنزول وان الحرائق تكتسح البلاد وانك هتصحى بكره الصبح تلاقي نفسك في اوكرانيا وقد اسقطت الحكومة والثورة البرتقالية بالياسمين قد نجحت.

مصر التانية: من جوا المظاهرة

تشعر ايضا ان الثورة قامت .. وانه اذا أراد الشعب يوما الحياة فلابد ان يستجيب البقر ويرحلوا .. اليوفوريا التي أصابت المتظاهرين كالعدوى كانت مذهلة .. بين المتظاهرين تجتاحك الحماسة وتسري في جسدك رعشة الحرية مع كل هتاف او مع انضمام مجموعة جديدة او كلما مر عابر بأخبار اسكندرية والسويس والاسماعيلية والالاف التي خرجت لتحقيق إرادة الشعب.

في هذه اللحظة يمكنك ان تفعل أي شيء وكل شيء وتحتمل اي شئ وكل شيء .. وترى مصر أخرى وتحبها وتحب اخوتك وتراهم بلا لون ولا اختلاف. تتملكك رغبة عارمة في التغيير .. تشعر ان احلامك بمصر حرة ومتحررة.

مصر التالتة: 50 متر بره الكردون:

مصر العادية .. مصر بتاعت المتفرجين على المظاهرة من على الرصيف. الناس العادية اللي بتتمشى في وسط البلد يوم اجازة في جو كويس. بيتمشوا والمحلات والبياعين .. إلخ

ملاحظة اخرى:

مهما بلغت درجة العنف الأمني امبارح كانت بسيطة وغير معتادة. أقل واجب يعني. وده شيء يستدعي التساؤل !! والتفكير والتحليل !!!

lملاحظة أخيرة::::::::

مازال اصدقائي حتى هذه اللحظة في مكان ما غير معلوم .... مصطفى النجار وجورج دوخة .... قلبي معكم وصلاتي لأجل سلامتكم