Sunday, December 28, 2008

حكاية عادية جدا



استيقظت صباحا قبل السابعة ارتدت ملابس بسيطة كالعادة
جذبت حقيبتها من فوق (التسريحة) الصغيرة التي ازدحمت بأدوات وألوان مختلفة أغلبها لم تستخدم بعد
وان كان قد علتها بعض الاتربة
وغادرت ونسيت كالعادة أيضا أن تنظر إلى المرآة

تدير سيارتها بينما تحاول الابتسام بصعوبة في وجه بواب العمارة العجوز الذي يحيها بود صادق
(كنت بس عايز اقولك اسكندرية من غير عيونك شاطئ بلا بحر)ا

تنطلق مسرعة إلى عملها في الشركة التي صارت على قمة مجلس إدارتها قبل عامين

يعرف عنها اصدقاؤها عشقها للنظارات الكبيرة حتى ان البعض كان يطلق عليها النظارة السوداء. حاولت التخلي عنها كثيرا خاصة في الشتاء حيث يتسبب ارتداؤها للنظارات الشمسية في المزيد من السخرية ولكنها لم تتمكن من ازالة الهالات السوداء حول عينيها والتي غالبا ما تشير صباحا إلى إن صاحبتها إما قضت ليلتها في البكاء او تعاطي المخدرات

تنهي عملها في المكتب وتنزل إلى سيارتها مسرعة ..، تضع جهاز (الام بي ثري) الذي حصلت عليه كهدية في مناسبة لا تذكرها أو بدون مناسبة على الأرجح وتنطلق
(صباحك شيكولاتة بالبندق..وبس)ا
تدور لبضعة ساعات بسيارتها قبل ان تعود إلى المنزل

تقضي أمسياتها وهي تنقر بأناملها التي خلت من أي ألوان على لوحة مفاتيح جهاز الكمبيوتر المحمول في أمور تافهة في مجملها

اليوم تكمل عامها الخامس والثلاثين
تقرر ألا تطفئ أي شموع .. ترفض جميع دعوات الاحتفال من الاصدقاء
بينما تغاضت عن جرح سببه لها الأهل محاولين تجاهل اليوم .. اليوم الذي تتم في 35 عاما وهي مازالت تعيش بتلك الغرفة في منزل والديها

(مش عايز من الدنيا دي حاجة غيرك انتي وأمي)ا
استيقظت قبل السابعة كعادتها ولكنها اليوم تقف امام المرآة لاكثر من ساعة
ارتدت الجونلة الملونة التي يعشقها ووضعت عطرها القديم
اغلقت هاتفها وأبلغت سكرتيرتها انها مريضة

(هموت واخدك في حضني وابوس عيونك حالا دلوقتي) ا
أربع ساعات مروا وهي تتجول في شوارع القاهرة من حي لآخر
لم تفلح النظارات اليوم في اخفاء مشاعر غلبتها فأفسدت كحل عينيها التي اجتهدت صباح ذلك اليوم في وضعه
توقفت دقائق عند ذلك المقهى في الحي الكبير اشترت قهوته المفضلة ورحلت

(عيناك فجر ميلادي ولحظة حدادي/بهجة أيامي وأحزان أجدادي)ا
توقفت عن مقهى آخر يطل على النيل في الحي الهادئ .. رفضت عرض النادل في الجلوس إلى طاولة على الجانب.. وانتظرت حتى خلت طاولة ما وتوجهت إليها
طلبت قهوتها ومشروبه المفضل في تصرف لم يدهش النادل كثيرا
أخرجت علبة سجائرها
أشعلت سيجارة ثم أطفأتها ثم أشعلت أخرى ودخنتها

أخرجت زجاجة عطر صغيرة سألت شقيقها الأصغر عن اسمها بعد أن اصطحبته لمتجر العطور بحجة انها تريد شراء هدية لزميل في العمل
(انا عايز اكمل عمري معاكي .. عايز اعمل عيلة بس معاكي انتي وبس)ا

لا تكف أبدا عن الاندهاش من سبب احتفاظها بتلك الرسائل على هاتفها المحمول
صديقتها المقربة تسخر منها دائما لهذا السبب.. ولكنها تؤكد دائما انها ابدا ما خالفت وعد قطعته على نفسها

تغلق الهاتف وتدفع الحساب

خطوات أمام باب المقهى تركض طفلة في الثالثة من العمر
عينيين لامعتين وشهر بني داكن
تصطدم بقدمها فيسقط هاتفها على الارض

(احنا اللي ما بينا اقوى من كل حاجة..انتي قدري)ا
تنحني لالتقاط الهاتف، وتطبع قبلة على وجنة الطفل

(آسف آسف، معلش مش قلت لك يا مريم ماتسيبيش إيد بابي)ا

قبل ان ترفع عينيها كاد عطره ان يفقدها توازنها

فشلت في رسم ابتسامة مناسبة تماما في المواقف المماثلة
تسمرت للحظات بينما همت بمد أصابعها تلمس شعيرات بيضاء ظهرت على جانبي رأسه
ولكن سرعان ما تراجعت بعد أن لمحت أخرى تأتي من بعيد

فرت دمعة مفاجئة من عينيه المتحجرتين
حملت نظرتها إليه مزيجا من غضب وحنين ووجع لم تدري بأنها مازالت تحتفظ بها داخلها حتى اليوم

بل لم تكن تدري انه مازال حاضرا داخلها حتى ذلك اليوم
وانها يوما ما تمكنت من حل تلك الضفائر يوم قالت له
(انت متضفر في عمري..تعرف شكل الضفيرة ايه؟)

ابتسمت للطفلة وغادرت

لمحتهما يجلسان على طاولتها التي كانت طاولتهما يوما
تجنبت أن تنظر لنفسها في المرآة
طبعت ابتسامة مرة على شفتيها
أشعلت سيجارة أخرى

ألقت بالهاتف من زجاج النافذة

وانطلقت بسيارتها لمكان ما

Tuesday, December 09, 2008

الكلام الموصوف لفهم خلفية الخروف


يعرف المقربون مني جدا اني في حالة نفسية مش عظيمة جدا
لذلك فأي ترهات تصدر أنا مسؤولة عنها مسؤولية كاملة

الضحية والديك:ا
إندهشت اليوم حينما اكتشفت اني لم أقل (كل عام وانت طيب) لأي شخص من أصدقائي بمناسبة عيد الأضحى
ولا حتى
Happy thanksgiving
لأصدقائي الآخرين وزملائي في العمل

ياله من سهو غير منطقي .. ربما فقط لم أشعر انها أمنية قلبية ولأن لا أحد يبقى طيبا كل عام
كما أن من يبقى طيبا .. تودي به طيبته إلى نهايات لا يحمد عقباها

عمل متواصل منذ ثلاث أسابيع بلا انقطاع لمدة 14 ساعة يوميا يمكن أن يصيب أي عاقل بانهيار عصبي لطيف
صدقوني .. هو ليس لطيف إلى هذا الحد

المهم..عشية عيد الأضحى وبعد ايام من عيد الشكر الامريكي .. ورد ببالي أمر عجيب

ماهي الضحية؟ا
أعلم طبعا قصة الاحتفال بالعيد لدى المسلمين. وهي قصة ذبح اسحق (أو اسماعيل ان تحدثنا عن الرواية الاسلامية) وكيف نهى الله ابراهيم عن قتل ابنه في آخر لحظة بكبش ..إلخ


ولكن لماذا يتحول العيد لدى كثيرين إلى مجرد (خروف)ا
بين الناس والاصدقاء والجيران والاعلام والتلفزيون والاعلانات والصحف والمقالات والصور والمعايدات
الكل يتحدث عن الخروف !!!!!ا
حتى تظن انه عيد الخروف

ولكن اسمه عيد الاضحى .. والامر كما تخيلته لا يجب ان يكون عن الضحية (الخروف) ولكن عن فكر التضحية
وكيف يكون العيد فرصة طيبة لكي يضحي الناس من اجل بعضهم بعضا او يشكرون من يشعرون انهم ضحوا لأجلهم
ثم نتفاهم في مسألة ذبح الخراف ثم العجول

وهو يذكرني كثيرا بعيد الشكر الامريكي .. الذي يتحول إلى عيد الديك
والعيد في الأصل ليس مناسبة دينية ولكنه عيد الحصاد الامريكي.. ولكنها مناسبة عامة ليتوجه كل إنسان بالشكر للاخرين او لله
ولكنه يتحول إلى عيد الديك ويصبح الديك هو العيد .. ولا اعرف العلاقة بين الديك وبين العيد

وكلامي هنا ليس عن المناسبات الدينية ..بقدر ما هو عن فكر الاحتفال او العيد وما خلفه من قيم خصوصا الأعياد التي تتناول قيم عامة وليس احتفالا بواقعة تاريخية او دينية مثلا

===================================================================
غاية التعليئ على الفيلم المسيئ:

هو فيلم واحد كما قرأت في هذا الخبر
الخبر ليس هو المهم هنا .. بقدر التعليقات
التي أظهرت قدرا هائلا من الخلط في الهوية لدرجة مخيفة .. وكيف طغت الهوية الدينية على الهوية الوطنية
أو كيف استبدل البعض هويتهم الوطنية (المنهارة) بهوية دينية

الخبر ببساطة يتحدث عن شاب من اصل ايراني أنتج فيلما يصور محادثة مع شخصية ترتدي ملابس عربية وتعرف نفسها بانها النبي محمد
والفيلم كله عباره عن نقاش بين الاثنين حول سلوكيات وأفعال النبي

موضوع الفيلم ليس ما جذب انتباهي بقدر عدد من التعليقات لم تخرج عن الآتي:ا
أغلب التعليقات كانت دعوات لنصرة النبي والشعارات المعتادة مثل (بأبي انت وأمي وكل ما أملك يا رسول الله)(واللهم اهلك الظالمين بالظالمين) وغيرها . أو بالسب في المخرج والدولة اللي وراه، او بسب معلقين آخرين. وكانت هناك تعليقات أخرى تتحدث عن ضرورة فحص الذات وان نلوم انفسنا اولا ,,إلخ

بينما توجه الكثيرون باللوم لحكوماتهم .. ولا افهم لماذا تكون الحكومات مسؤولة عن الدفاع عن الرسول او عن الاديان
يعني الحكومة المصرية ليست مسؤولة عن الدفاع عن المسيحية او الاسلام مثلا .. وكيف تفعل ذلك إن فعلته؟ هذا ما لا افهمه
فالدفاع عن العقيدة ضد من يسبونها يترك لرجال الدين .. المفتي، شيخ الأزهر، بابا الكنيسة، بابا الفاتيكان ..إلخ

وطبعا لم تخل التعليقات بمطالبات قوية بقتل المخرج ومن يتشدد له ايضا. بل وتطوع احد المعلقين بقتل الرجل ان رأه حتى لو اتهموه بالجنون لأنه مجنون بحب رسول الله

بينما التعليقات التي لفتت نظري كانت تعليقات بهذا المعنى:ا

شخص تافه يعيش فى دوله تافهه، ممكن حد يقوللى هولندا دى تبقى ايه ايه تاريخها ولا حاجه ايه الاضافه اللى اضافتها للانسانيه ولا حاجه ، شخص يساوى زيرو يعيش فى دوله تساوى زيرو ينتجوا فيلم يساوى زيروا

كيف اختلطت الهوية الدينة بالهوية القومية او الوطنية إلى درجة كبير. او كيف استبدلها البعض
فالمقارنة التي عقدها المعلق بين هولندا وبين الرسول ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!ا

فماذا فعل الدولة التافهة مقارنة بما فعله الرسول !!!!!ا

فهو لم يقارن ما تفعله الدولة التافهة ابما تفعله دولته غير التافهة
ما فعله الشعب الهولندي التافه من الدولة التافهة بشعبه غير التافه مثلا
او حتى بما فعله المخرج التافه مقابل ما فعله هو شخصيا