I did it !! I did it
قعدت طول النهار اقول الكلمتين دول ولا كأني نيوتن في زمانه .. تاني حاجة الاسبوع ده اعملها دون اي اعتبار لرأي الاخرين .. ومش قادره اقولكم قدر استمتاعي الرهيب بالحاجتين دول
المهم خلينا في العمارة .. انا رحت الفيلم من كام يوم.. حفلة 10 الصبح .. السينما كانت زحمة وكان فيه عيال كتير بالرغم من ان الفيلم للكبار فقط.
اليوم كان باين من اوله زي مايكون فيه قوي خفية تتحرك لمنع مسيرتي النسوية نحو التحرر .. هاهاهاها
الريس كان معدي في الساعة الهباب دي والبلد كلها كانت واقفة ..
سيارتي كانت بعافية شوية او يبدو انها هي كمان كان عندها اعتبارات اخلاقية على الفيلم ولا ايه ؟؟
المهم انا قررت وطلعت في دماغي هشوف الفيلم يعني هشوفه ,,
نزلت وقررت اتعامل مع وسائل المواصلات المصرية بعد طول غياب .. وكانت التجربة بعنوان اغنية الست هدى سلطان (الله يرحمها) ان كنت ناسي افكرك ..
وبعد ساعة كاملة في انتظار الفرج وافق سائق تاكسي على المشوار الطويل طبعا بعد ما اداني خطبة عصماء عن التضحية الفظيعة اللي عملها عشاني ..المهم .. وصلت ودخلت الفيلم بعد ما فاتني 10 دقائق كاملة منه بسبب مرور السيد الرئيس في تلك الساعة المفترجة ..
ولكني احتسبت العشر دقائق دول لون من الوان التضحية الوطنية .. وزي ما بقول دايما كله عشان خاطر مصر
دخلت السينما وكنت متحفزة جدا لاي مشهد وللناس اللي حواليا .. لكن وجود صديقتي كان مطمئن وقالت لي
so far so good
وبعد ثواني بدأت اندمج في عالم الفيلم بين سكان العماره .. الفيلم من وجهة نظري الشخصية كان اكتر من رائع ,, قطعة فنية في منتهى الثراء .. ثراء في التفاصيل ورسم الشخصيات ومعالمها الانسانية .. عملي لي حالة استمرت اكتر من ساعتين بعد الفيلم .. خرجت مبهورة بجد لان ده اول فيلم عربي اشوفه من كام سنة واحترمه بعد ما حسيت ان المخرج والمؤلف والممثلين احترموني واحترموا عقلي .
وفعلا بعد ما شفت الفيلم بكل الجدل الداير عليه اكتشفت ان المسألة كلها تخلف محض .. لان كم الاباحية التي قيل لنا ان نتوقعها لم تكن بهذا الكم ولم تكن فجة (ربما صادمة) ولم تكن بهدف الاثارة ولم تكن بلا هدف درامي باستثناءات نادره.. بل كانت موظفة دراميا ولا غنى عنها داخل الفيلم .. كما انها جاءت في إطار فني ربما كانت صادمة لطبيعتها ولكن لا انفي صدمتي ببعض الامور التي جاءت في الفيلم ..
رأيي ان سبب انزعاج الناس كان في الصدمة الحضارية التي احدثها الفيلم ,, لان لا احد يريد ان يعترف ان ما شاهده موجود في مصر فعلا .. حالة من حالات الانكار النفسي ,, مش عايزين نعترف ان ده بيحصل في بلدنا ,, ان فيه الكم ده من الخوف والقهر واللخبطة والجنون والعبث الكاااااااااامل ,,,
صدمة الفيلم انه قريب من الناس جدا الكاميرا كانت في قلب الشارع مش براه فدخلت المشاهد جوا قلب الرواية ,, في الشوارع اللي بتمشي فيها والناس اللي تعرفهم وحياتك اللي عايشها ..
صدمة الفيلم ربما في انه يفاجئك بانك قد تتعاطف مع امور طالما كان موقفك منها مضمونا وثابتا ومن المسلمات
صدمة ان يصعب عليك الرجل الشاذ جنسيا الذي يبكي لان شخصا احبه تركه وجرحه
تتعاطف معه لانك لاول مرة تشعر انه بني آدم وبيحس
دي صدمة مخيفة للبعض
ان تتعاطف مع عجوز متصابي زير نساء لا يملك قوة امام نزواته
وتشعر لاول مرة انه انسان ,, ان يمكنك ان ترى خلف القشرة الانسانية الخارجية ..
ان تتعاطف مع فتاة تبيع نفسها من اجل المال او الاحباط او الفشل او لمجرد حاجتها الماسة للحنان
صدمة ان تعرف ان هناك هذا القدر من العبث في قاهرة المعز
الفيلم والرواية قبله في رأيي الشخصي تصدم عددا كبيرا من المسلمات لدينا وهذا سبب الجدل الذي اثير حولها.. لطالما رأينا مثليي الجنس على شاشة السينما اشخاصا مخنثين اغبياء يثيرون ضحكاتنا ولا نأخذهم على محمل الجد ابدا .. بينما يعلن المنحلون أخلاقيا توبتهم عن فسادهم او يعاقبون بالسجن او الموت عليه لا ان يعترفوا به ويجعلوك تتعاطف معهم
وخلال احتكاكنا بتلك النماذج نلعب دور الالهة الحاكمة من امام شاشات التلفزيون او في حياتنا عامة نصدر الاحكام الاخلاقية على الجميع .. نماذج نقارن بها انفسنا حتى نبدو افضل
ولكن زكي باشا الدسوقي وحاتم رشدي وعبد ربه وبثينة .. كانت نماذج انسانية تفضح منابرنا الاخلاقية القاسية ,, لاننا فجأة تعاطفنا معهم والتمسنا لهم الاعذار وبكينا لالامهم وفوجئنا انهم بشر ,, ولم يكن ذلك واردا في قواميسنا الاخلاقية.
بالرغم من القضايا الكبيرة في الفيلم السياسي منها والاجتماعي وبالرغم القيمة الرمزية للرواية إلا ان اكثر من شدني بالفعل في الفيلم هو النماذج الانسانية .. البشر بكل تفاصيلهم الدقيقة المتشابكة .. بكل ابعادهم الشريرة والطيبة .. الانسان بتناقضه .. بما يحمله من ملائكة وشياطين داخله .. كانت النماذج الانسانية مرسومة بحرفين شديده وبتفاصيل ثرية جدا .. كما اجاد الممثلون ادوارهم بصورة مزهلة حتى الكومبارس منهم وهو امر غير معتاد في السينما المصرية. واهمهم واكثرهم إجادة خالد الصاوي ثم نور الشريف ومحمد امام وباسم سمرة ثم عادل امام. وربما كانت شخصية دولت (اسعاد يونس) وسعاد في حاجة للمزيد من التفاصيل
جلعتني نهاية الفيلم او الرواية افكر اكثر من مرة في الفكرة او رأي الاسواني .. فالنهاية كانت سيئة لكل الشخصيات تقريبا ماعدا ذكي الدسوقي وبثينة اللذان تزوجا في النهاية. فما الحل الذي رغب الاسواني في نقله إلينا ؟؟
رمزيا اذا كانت العماره تمثل المجتمع المصري .. الذي وصفه الدسوقي في الفيلم (بانه سطحه خرابات وقلبه مسخ) وان الشخصيات هي شرائح هذا المجتمع فيقدم ابناء الطبقة الفقيرة (مثل بثينة وسعاد عبد ربه وطه) وهم النسيج الاكبر في المجتمع
ثم قدم لنا الشخصيات التي تعاملت او تخللت هذا النسيج مثل النموذج الديني الخالص (طه) ونموذج نتاج اندماج المجتمع بالغرب (حاتم) ونموذج المال والنفوذ (الحاج عزام) وزواجه بالسلطة من خلال (كمال الفولي) والناس اللي وراه اللي هو (اطيب واحد فيهم ) على حد قوله في الفيلم
اذن ما الذي يراه الاسواني حلا هل التحام القيم التحررية القديمة المتمثلة في ذكي ابن واحد من قيادات حزب الوفد القديم بعمق المجتمع ,, هل انقاذ ما يمكن انقاذه في القاهرة هو العودة للقيم القديمة بمنظور جديد .. بعد ان تتوقف تلك القيم عن انعزالها وعدم واقعيتها ؟؟ سؤال فكرت فيه كتير وياريت لو حد فاهم اكتر يقوللي
جمل لا يمكن نسيانها من الفيلم:
(انا عمري ما آذيت حد غير نفسي .. تفتكري ربنا ممكن يعملي خصم) .. ذكي باشا الدسوقي (عادل امام)
(احنا بنعرف كل حاجة عن كل حد) ,, ضابط امن الدول لطه الشاذلي.
(الشعب ماسك في الحكومة زي ما تكون امه اللي خلفته حتى لو ماشية على حل شعرها) .. (الوزير كمال الفولي)
(مصر بقت قاسية قوي على شعبها .. مش كره فيها لكن الواحد مابقاش قادر يستحمل ظلمها) .. (بثينة)
(انت ما تعرفش ارادة ربنا دي ممكن تودي لحد فين) ,, (الحاج عزام)
الفيلم في مجمله كان تجربة ثرية وجديده بالنسبة خصوصا بعد الانتصار الساحق الماحق (اجدع من بتاع عادل شريف) وتمكني من مشاهده الفيلم بعد عناء ..
انتهى اليوم الرائع وعند عودتي للمنزل استقبلتي الست الوالده بسؤالات عن الفيلم واخباره ايه .. وحينما قلت لها (كويس جدا .. هايل عجبني جدا) وقبل ان استرسل في الحديث عن القضايا الرمزية العميقة في الفيلم باغتتني بسؤال عن المشاهد سيئة السمعة التي سمعنا عنها كثيرا فقلت بثقة (عادية جدا .. صيحيح صادمة شوية وفيها حاجات جديده لكن كانت كلها في إطار الرواية واخرجت بشكل محترف فنيا فيما عدا استثناءات بسيطة) وقبل ان ترد واستغلالا لفورة الحماس قلت وانا ادير ظهري باتجاه غرفتي (الفيلم عجبني جدا .. وبفكر اشوفه تاني ... تيجي معايا ؟؟ )